بيروت
يخبىء موقع بيروت في جوفه تاريخاً يرقى الى أكثر من خمسة آلاف سنة. فقد ورد اسمها في نصوص مكتوبة بالخط المسماري تعود الى القرن الرابع عشر ق.م. ثم دخلت في غضون القرن الأول ق.م. في فلك السيطرة الرومانية وكانت تعرف آنذاك باسم " بيريتوس" وأصبحت بعد فترة قصيرة من الزمن مقرّاً لمدرسة فقه دامت شهرتها حتى العصر البيزنطي.
بيد أن أمجاد بيروت ما لبثت أن أنهارت بفعل الكوارث التي حلّت بها عام ٥٥١ ب.م. عندما ضربها زلزال عنيف رافقه مدّ بحري جارف واشتعال عدد لا يُحصى من الحرائق . ثم فتحها المسلمون بعد نحو قرن من الزمن فأستمرت تحت سلطتهم حتى عام ١١١٠ حين سقطت في أيدي الصليبيين الذين حكموه زهاء قرنين من الزمن إلى أن انتقلت في العام ١٢٩١ الى ايدي المماليك . وبعد أن قضى الأتراك العثمانيون على المماليك عام ١٥١٦ دخلت بيروت في فلك امبراطوريتهم التي دامت ٤٠٠ سنة ، أي حتى سقوطها في نهاية الحرب العالمية الأولى. وجاءت بعد ذلك فترة الإنتداب الفرنسي التي أستمرت حتى عام ١٩٤٣، وهي السنة التي حصل فيها لبنان على استقلاله.
ويحتضن وسط بيروت التجاري الذي أعد له مخطط أعمار شامل كنوز تاريخية جليلة تتمثل بباقيا بيروت العثمانية والمملوكية والصليبية والعباسية والأموية والبيزنطية والرومانية والفارسية والفينيقية والكنعانية ... وإذا ساعدت الظروف على ذلك ، فإن قسماً كبيراً من تاريخ المدينة سيكون جاهزاً للتدوين بعد إنتهاء أعمال الاعمار .